فيلم (بلطية العايمة) يحكي قصة أرملة بسيطة تعيش في شاطئ الماكس في الإسكندرية ساقها قدرها المحتوم لترعى أبناءها وشقيقتها وتدخل في مواجهة غير متكافئة مع مجموعة من المستثمرين الذين يسعون لامتلاك هذا الشاطئ وطرد أهله منه لبناء شاليهات للأثرياء، وقد نجحوا بالفعل في قهرها، بداية بمصادرة عربة الكشك التي تسترزق منها، وانتهاء بهدم المنزل الذي كان يؤويها.. الشاهد من هذا كله، أنه في عز المشكلات التي كانت تواجهها هذه (المرأة) عرض عليها (أحـد معارفها) أن تعمل خادمة لدى إحدى العائلات الكبيرة، وبالرغم من حاجتها الماسة للمال، إلا أنها ردت عليه وقالت: هي ناقصة يا أخويه.. الولاد في المدرسة كانوا يعايروا ابني بعملي عالعربية عاوزهم دا الوقت يقولوا له (يا ابن الشغالـة) !؟.
استعدت شريط الأحداث لهذا الفيلم العربي المؤثر، عند قراءتي للتصريح المثير الذي أشغلت تفاصيله المجتمع السعودي خلال الأيام الماضية، حيث نسب لأحد المسؤولين قوله: أنه لا يجد حرجا في عمل المرأة السعودية عاملة نظافة إذا لم تجد وظيفة أخرى، موضحا، بأن هناك شركات تعتزم فتح مشروع تشغيل عاملات منزليات وقد تتقدم لمثل هذه الوظائف بعض السعوديات، وهذا لا يعد عيبا !؟.
كيف لا يعد عيبا ؟!، إلا عيب وأكبر عيب أن تضطر امرأة سعودية في عصرالنهضة الكبيرة أن تفكر ــ مجرد التفكير ــ في أن تتقدم لمهنة (خادمة) مهمتها تطبخ وتكنس وتجلي في بيوت الأغراب !!.
لكن اللوم هنا ليس على المرأة المجبرة (محشومة .. ومكانتك محفوظة)، بل اللوم على الذي يأتي ليشنف آذاننا بمبادئ مصطنعة ورؤى مستفزة لا يملك أمامها المواطن المعني إلا أن يتساءل بحرقة واستغراب: وهل يرضى هو بأن تعمل زوجته أو ابنته كخادمة لدى الغير ؟!، أم أنه سيبرر غيرته وامتعاضه بأنها موظفة وغير محتاجة !؟.
سنوات عديدة، ولازالت العوائق تطوق عنق مشروع تأنيث محلات المستلزمات النسائية، ولازال عمل المرأة ( كاشيرة) في أحد الأسواق التجارية يعد تهمة خطيرة، ولايزال هناك آلاف الخريجات من الكليات المتوسطة يتلقين الوعود الوهمية بتعيينهن كمدرسات أسوة بالبقية، هذه باختصار بعض من معاناة المرأة السعودية التي تشبه في أحداثها جوانب كثيرة من سيناريو فيلم (البلطية)، فكل امرأة منهن تعيش في (شاطئ أحلامها) وقد ساقها قدرها المكتوب لتسهم في رعاية أفراد عائلتها حتى جاء هذا بعد طول عناء وانتظار ليشير على المرأة التي لم تجد لها وظيفة بالعمل كخادمة منزلية .. هي ناقصة يا أخويه !؟.